إعداد وتقديم : إيناس أبو سيف
                                     ( الحلقة ٨٢)
ما زلنا فى الخواطر حول قوله تعالى:(كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون)٢٨سورة البقرة
وقوله تعالى:(ثم إليه ترجعون )أى أن الله تبارك وتعالى يبعثكم ليحاسبكم 
-لقد حاول الكفار والملحدون وأصحاب الفلسفة المادية ان ينكروا قضية البعث وهم فى هذا لم يأتوا بجديد بل جاءوا بالكلام نفسه الذى قاله أصحاب الجاهلية الأولى:(وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر)٢٤سورة الجاثية
-وأمنية الكافر والمسرف على نفسه ألا يكون هناك بعث أو حساب والذين يتعجبون من ذلك نقول لهم :إن الله سبحانه وتعالى الذى أوجدكم من عدم يستطيع أن يعيدكم وقد كُنتُم موجودين يقول جل جلاله:
(وهو الذى يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى فى السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )٢٧ سورة الروم
-فإيجاد ما كان موجودا أسهل من الإيجاد من عدم على غير مثال موجود 
والله سبحانه وتعالى يرد على الكفار فيقول سبحانه:(وضرب لنا مثلا ونسى خلقه قال من يحيى العظام وهى رميم قل يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم)٧٩ سورة يس
وهكذا فإن البعث أهون على الله من بداية الخلق وكل شئ مكتوب عند الله سبحانه وتعالى فى كتاب مبين 
وما أخذته الأرض من جسد الانسان ترده يوم القيامة ليعود من جديد 
-وخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الانسان واقرأ قوله تعالى:(لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)٥٧غافر
-وقول الله سبحانه (ثم إليه ترجعون)هو اطمئنان لمن آمن وما دمنا اليه نرجع ومنه بدأنا فالحياة بدايتها من الله ونهايتها الى الله فلنجعلها هى نفسها لله 
-ولابد أن نلتفت إلى ان الله تبارك وتعالى أخفى عنا الموت زمانا ومكانا وسببا وعمرا لم يخفه ليحجبه وإنما أخفاه حتى نتوقعه فى كل لحظة 
وهذا إعلام واسع بالموت حتى يسرع الناس إلى العمل الصالح وإ لى المثوبة لأنه لا يوجد عمر متيقن فى الدنيا فلا الصغير آمن على عمره ولا الشاب آمن على عمره ولا الكهل آمن على عمره 
ولذلك يجب أن يسارع كل منا فى الخيرات حتى لا يفاجئه الموت فيموت وهو عاص
-ونلاحظ أن قصة الحياة جاء الله بها فى آية واحدة 
والرجوع إلى الله وهو يقين بالنسبة للمؤمنين يلزمهم بالمنهج فيعيشون من حلال والتزامهم هذا يقودهم إلى طريق الجنة ويطمئنهم على أولادهم بعد أن يرحل الآباء من الدنيا 
فعمل الرجل الصالح ينعكس على أولاده من بعده واقرأ قوله سبحانه وتعالى:(وليخش الذين لو تَرَكُوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )٩سورة النساء
-إذا فصاحب الالتزام بالمنهج يطمئن إلى لقاء ربه ويطمئن إلى جزائه 
والذى لا يُؤْمِن بالآخرة أخذ من الله الحياة فأفناها فيما لا ينفع ثم بعد ذلك لا يجد شيئا الا الحساب والنار
واقرأ قوله تعالى:(والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب)٣٩سورة النور
أى أن الكافر سيفاجأ فى الآخرة بالله الذى لم يكن فى باله أنه سيحاسبه على ما فعل
-وقوله سبحانه :(وإليه ترجعون)تقرأ قراءتان :- 
-الأولى بضمة على التاء معناها أننا نجبر على الرجوع فلا يكون الرجوع إلى الله تعالى بإرادتنا وهذا ينطبق على الكفار الذين يتمنون عدم الرجوع إلى الله 
-أما الثانية بفتحة على التاء فهذه فيها إرادة وهى تنطبق على المؤمنين لأنهم يتمنون الرجوع إلى الله
-وغدا بإذن الله سنبدأ فى الخواطر حول قوله تعالى:(هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم) ٢٩البقرة

