U3F1ZWV6ZTM4NzkwMzQ5ODA4X0FjdGl2YXRpb240Mzk0NDExNDQwNzM=
وقفات لخواطر الأمام في بعض آي القرآن " الحلقة ١٣٣"

إعداد وتقديم : إيناس أبو سيف
هل هناك آيات متشابهة مع قوله تعالى (واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون )؟
وما الفرق فى المعنى بين هذه الآية وما تشابه منها من الآيات ؟
سنتعرف على ذلك من خلال الخواطر حول قوله تعالى :( واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون )
-نعم هناك آية أخرى متشابهة تقول :(واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون )١٢٣ سورة البقرة
فهذه الآية وردت مرتين وصدر الآيتين متفق فقال سبحانه : (واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا) ولكن :-
الآية الأولى تقول :(ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون )
الآية الثانية ؛(ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون )
-هل هذا تكرار ؟لا والمسألة تحتاج الى فهم
فالآيتان متفقتان فى مطلعهما فى قوله تعالى:(واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ) ولكن
-ففى الآية الأولى قدم الشفاعة وقال :لا يقبل
فقال سبحانه :(ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل )
الشفاعة فى الآية الأولى مقدمة والعدل متأخر
وفى الآية الثانية أخر الشفاعة وقال لا تنفع فالعدل مقدم والشفاعة مؤخرة فقال :(لايقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة )
-فقوله تعالى :(لا تجزى نفس عن نفس شيئا )
كم نفسا هنا ؟
أنهما اثنتان نفس عن نفس هناك نفس أولى ونفس ثانية
فما هى النفس الأولى ؟
النفس الأولى هى الجازية
والنفس الثانية هى المجزى عنها
-وما دام هناك نفسان فقوله تعالى:(لا يقبل منها شفاعة) هل من النفس الأولى أم الثانية ؟
إذا نظرت الى المعنى فالمعنى انه سيأتى إنسان صالح يوم القيامة ويقول يارب أنا سأجزى عن فلان أو أغنى عن فلان أو أقضى حق فلان
النفس الأولى أى النفس الجازية تحاول أن تتحمل عن النفس المجزى عنها
-ولكى نقرب المعنى ولله المثل الأعلى نفترض أن حاكما غضب على أحد من الناس وقرر ان ينتقم منه أبشع انتقام يأتى صديق لهذا الحاكم ويحاول ان يجزى عن المغصوب عليهم فلما لهذا الرجل من منزلة عند الحاكم يحاول ان يشفع للطرف الثالث وفى هذه الحالة اما ان يقبل الشفاعة أو لا يقبلها فاذا لم يقبل شفاعته فإنه سيقول للحاكم أنا سااسدد ما عليه أى سيدفع عنه فدية
ولا يتم ذلك الا اذا فسدت الشفاعة
-فإذا كانت المسألةفى يوم القيامة ومع الله سبحانه وتعالى يأتى إنسان صالح ليشفع عند الله سبحانه وتعالى
لانسان أسرف على نفسه فلابد ان يكون هذا الانسان المشفع من الصالحين حتى تقبل شفاعته عنا الله سبحانه واقرأ قوله تعالى ؛(من ذَا الذى يشفع عنده إلا بإذنه )من الآية ٢٥٥سورة البقرة
وقوله تعالى :(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون )٢٨سورة الأنبياء
والإنسان الصالح يحاول ان يشفع لمن أسرف على نفسه فلا تقبل شفاعته ولا يؤخذ منه عدل ولا يسمح لها بأى مساومة أخرى
إذا لا يتكلم عن العدل فى الجزاء إلا إذا فشلت الشفاعة
فهنا الضمير(الهاء)فى كلمة (منها) فى قوله تعالى :(لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل )يعود على النفس الجازية التى تتقدم للشفاعة عند الله فيقول سبحانه :(لا يقبل منها شفاعة )فلا يقبل منها أى مساومة اخرى ويقول سبحانه (ولا يؤخذ منها عدل )وهذا ترتيب طبيعى للأحداث
-أما الآية الثانية يتحدث الحق سبحانه عن النفس المجزى عنها قبل ان تستشفع بغيرها وتطلب منها ان يشفع لها لابد ان تكون ضاقت حيلها وغزت عليها الأسباب فيضطر ان يذهب لغيره وفى هذا اعتراف بعجزه فيقول يارب ماذا افعل حتى اكفر ذنوبى؟
فلا يقبل منه فيذهب الى من تقبل منهم الشفاعة فلا تقبل شفاعتهم
-وإذا أردنا ان نشرب مثلا من القرآن لكى يتضح الأمر فاقرأ قوله تعالى :(ولو ترى اذا المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنَّا موقنون )١٢سورة السجدة
عؤلاء هم الذين يطلبون العدل من الله بأن يعيدهم الى الدنيا ليكفروا عن سيئاتهم ويعملوا صالحا ينجيهم من العذاب ذلك ان الحسنات يذهبن السيئات
فماذا كان رد الله سبحانه عليهم :(فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنَّا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كُنتُم تعملون )١٤سورة السجدة
فهم عرضوا ان يكفروا عن سيئاتهم بأن طلبوا العودة الى الدنيا ليعملوا صالحا فلم يقبل الله سبحانه وتعالى هذا العرض اقرأ قوله تعالى :(هل ينظرون الى تأويله يوم يأتِى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذى كنّا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون )٥٣سورة الأعراف
لقد طلب هؤلاء الشفاعة أولا فدخلوا فى حد آخر هو العدل فلم يؤخذ مصداقا لقوله تعالى :(لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل )وهكذا نرى الاختلاف بين الآيتين فليس هناك تكرار فى القرآن الكريم
-الآية الأولى التى نحن بصددها تتعلق بالنفس الجازية أو التى تريد ان تشفع لمن أسرف على نفسه (فلا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل )
والآية الثانية (لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة )اى ان الضمير عائد على النفس المجزى عنها فهى تقدم العدل أولا :(ارجع نعمل صالحا )فلا يقبل منها فتبحث عن شفعاء فلا تجد ولا تنفعها شفاعة
-وغدا بإذن الله سنكمل باقى الخواطر حول نفس االآية التى نحن بصددها من خلال أمثلة أخرى من آيات الذكر الحكيم تؤكد على عدم التكرار فى القرآن وان لكل آية من الآيات معنى مختلف عن الآخرى