-->
U3F1ZWV6ZTM4NzkwMzQ5ODA4X0FjdGl2YXRpb240Mzk0NDExNDQwNzM=
الاتحاد
random
أخبار ساخنة

مقال رؤي سياسية بقلم الكاتب الصحفي د. ياسر حماد

العدوان الثلاثي x ناصر و السد و قناة السويس 

الكاتب الصحفي د. ياسر حماد

تتعرض مصر في الآونة الأخيرة لحملات ممنهجة تهدف للنيل من معنويات الشعب المصري و شرف العسكرية المصرية من خلال تشويه كل انتصار حققتة مصر على عدوها التقليدي في العصر الحديث "إسرائيل" فمرة يتم التشكيكك في نصر أكتوبر العظيم وتصوير أن الجيش المصري مني بهزيمة ساحقة وأن الثغرة التي أحدثها الجيش الإسرائيلي في منطقة الدفرسوار المنطقة الحدودية اقليمياً بين مدينة السويس و مدينة الإسماعيلية أحدثت فارق نوعي لصالح إسرائيل و هو علي خلاف الواقع فأن كانت الثغرة قد أحدثت فارق لصالح إسرائيل فلما وافقت إسرائيل بأتفاقية السلام والتي نصت علي ان الارض مقابل السلام. 

ولما وافقت صاغرة علي رد أرض سيناء كاملة مقابل وثيقة ورقية كما قال بيجن رئيس وزراء إسرائيل في اعقاب التوقيع على اتفاقية السلام. 

واستمرار لتلك الهجمات الممهنجة وجدنا مؤخراً حملة جديدة تتمثل في تصوير ان مصر تعرضت لهزيمة ثقيلة في حرب ١٩٥٦ او العدوان الثلاثي أو كما تعرف في الغرب بحرب سيناء أو حملة سيناء أو كما تعرف في إسرائيل بالعملية قادش والتي شنتها  بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956، وهي ثاني الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948، وتعد واحدة من أهم الأحداث العالمية التي ساهمت في تحديد مستقبل التوازن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت حاسمة في أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية انجلترا و فرنسا ، وتألق نجوم جديدة على الساحة الدولية. 

وللرد علي تلك الادعاءات لابد أن نضع نصب أعيننا عدة نقاط تتمثل فى الآتي :

١- تحديد الأهداف من الحرب علي مصر 

٢- ما تحقق علي ارض الواقع من تلك الأهداف

٣ - ما حققتة مصر من مكاسب من وراء تلك الحرب عليها

ومن ثم بناء عن المعطيات من الإجابة علي تلك النقاط نستطيع بأن نجيب علي السؤال الرئيسي هل خسرت مصر حرب ١٩٥٦م أم فشل التحالف الانجلو فرنسي اسرائيلي  في تحقيق أهداف تلك الحرب و بالتالي انتصار مصر و هزيمة التحالف الاستعماري.

وللإجابة علي النقطة الأولى لابد أن نطرح آراء بعض المحللين و رؤيتهم حول الأهداف التي خطط لها التحالف الانجلو فرنسي اسرائيلي  من وراء حرب ١٩٥٦م.

وتأتي علي رأس تلك الأهداف: 

- احتلال القوات الإسرائيلية شبة جزيرة  سيناء. 

تحقيق انتصار عسكري أنجلو فرنسي إسرائيلي وتحطيم معنويات الشعب و الجيش الساعين للنهضة و الحفاظ على الاستقلال. 

- ضمان إسرائيل حرية مرور سفنها بخليج العقبة "مضيق تيران" وقناة السويس.

- إسقاط النظام المصري بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، و الوصول إلى الإسماعيلية و التحكم في قناة السويس والتي أممها الرئيس جمال عبد الناصر في تحد نال من هيبة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس و الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية منفذة مشروع الحفر والتي كان لها حق الإمتياز.

- إجهاض مشروع بناء السد العالي. 

وننتقل للاجابة علي النقطة الثانية و التي تتحدث عن ما تم تحقيقة من أهداف علي الارض وهنا نجد الآتي : 

- عدم تمكن القوات الأنجلو فرنسية من استكمال خطتها أو تحقيق أهدافها.

- فشل قوات التحالف في إسقاط النظام المصري بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، أو الوصول إلى الإسماعيلية، و استعادة التحكم في قناة السويس.

- احتلال إسرائيل لشبة جزيرة سيناء. 

و بالنسبة للإجابة علي النقطة الثالثة و التي تتمثل فيما حققتة مصر من مكاسب من وراء حرب ١٩٥٦ م. 

- نجاح الدبلوماسية المصرية في تحقيق ضغط دولي على الدول المعتدية بمساعدة أمريكية وسوفيتية.

- انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء بعد أخذ عدة ضمانات في عام 1957م .

- نجاح مصر في الحصول على تمويل لبناء السد العالي من الاتحاد السوفيتي. 

- دخول قوات طوارئ دولية إلى منطقة النزاع للفصل بين القوات.

- انسحاب القوات الأنجلو فرنسية تحت الضغوط الدولية والمقاومة المصرية.

- أفول نجم بريطانيا وفرنسا كقوى استعمارية بالمنطقة، واستقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن.

وحتي نكون رؤية شاملة حول تلك الفترة و أحداثها نرجع الي رصد المؤرخون لتلك الأحداث و التي بدأت جذورها في الظهور عقب توقيع اتفاقية الجلاء عام ١٩٥٤م  بعد مفاوضات مصرية بريطانية رافقتها مقاومة شعبية شرسة للقوات الإنجليزية بالقناة.

 وفي تلك الفترة  بدت علاقة الرئيس جمال عبد الناصر مع الدول الغربية في صورة جيدة خاصة مع موافقة البنك الدولي بدعم أمريكي بريطاني على منح مصر قرضاً لتمويل مشروع السد العالي الذي كان يطمح عبد الناصر أن يحقق طفرة زراعية وصناعية في البلاد من بنائه. 

أيضافي هذا التوقيت كانت المناوشات الحدودية مستمرة بشكل متقطع بين الدول العربية وإسرائيل منذ حرب ١٩٤٨م ، وأعلن عبد الناصر صراحة عداءه لإسرائيل، وضيّق الخناق على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، ما شجع الأخيرة ووجدت فيه مبرراً لتدعيم ترسانتها العسكرية عن طريق عقد صفقة أسلحة مع فرنسا، فقرر عبد الناصر طلب السلاح من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أنهما ماطلا في التسليم ورفضاه في النهاية معللين ذلك بوضع حد لسباق التسليح بالشرق الأوسط، لم يجد عبد الناصر بديلاً إلا أن يطلب السلاح من الاتحاد السوفيتي وهو ما قابله الأخير بالترحيب لتدعيم موقفه بالمنطقة، فقررت كلاً من بريطانيا والولايات المتحدة الرد على الخطوة المصرية والرد على رفض عبد الناصر الدخول حلف شمال الاطلنطي ، ورفضه الصلح مع إسرائيل طبقاً لشروط الغرب كما أقرتها الخطة "ألفا"، بوضع خطة جديدة أُطلق عليها "أوميجا" هدفت إلى تحجيم نظام عبد الناصر عبر فرض عقوبات على مصر بحظر المساعدات العسكرية، ومحاولة الوقيعة بينها وبين أشقائها العرب، وإلغاء تمويل السد العالي .

ومما سبق رأى  الرئيس جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس فرصته الوحيدة للحصول على التمويل اللازم لبناء السد العالي، وبالفعل أعلن في ٢٦ يوليو ١٩٥٦ قرار التأميم، ومع فشل الضغط الدبلوماسي على مصر للعدول عن قرارها، قررت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وضع خطة لاستخدام القوة العسكرية ضد مصر أُطلق عليها بروتوكول "سيفرز" ، آملين بذلك تحقيق مصالحهم من تلك الضربة، فعلى الصعيد البريطاني كان الهدف التخلص من عبد الناصر الذي هدد النفوذ البريطاني بتحقيق الجلاء وتحالف مع السوفيت وأمم القناة التي تمر منها المصالح البريطانية، وعلى الصعيد الفرنسي كانت فرصة للانتقام من عبد الناصر الذي ساند ثورة الجزائر وأمم القناة التي كانت تحت إدارة فرنسية، في حين وجدت إسرائيل فرصتها لفك الخناق المحكم على سفنها في قناة السويس وخليج العقبة، وتدمير القوات المصرية في سيناء التي كانت تشكل تهديداً صريحاً لها.

و طبقاً لبروتوكول سيفرز وفي ٢٩ أكتوبر١٩٥٦ هبطت قوات إسرائيلية في عمق سيناء، واتجهت إلى القناة لإقناع العالم بأن قناة السويس مهددة، وفي ٣٠ أكتوبر أصدرت كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً يطالب بوقف القتال بين مصر وإسرائيل، ويطلب من الطرفين الانسحاب عشرة كيلومترات عن قناة السويس، وقبول احتلال مدن القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية بغرض حماية الملاحة في القناة، وإلا تدخلت قواتهما لتنفيذ ذلك بالقوة. 

وعلي أثر ذلك أعلنت مصر بدورها رفضها احتلال إقليم القناة، وفي اليوم التالي في ٣١  أكتوبر١٩٥٦ م  هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة ومنطقة القناة والإسكندرية. 

ونظراً لتشتت القوات المصرية بين جبهة سيناء وجبهة القناة وحتى لا تقوم القوات المعتدية بمحاوتطها وإبادتها، أصدر الرئيس جمال عبد الناصر أوامره بسحب القوات المصرية من سيناء إلى غرب القناة، وبدأ الغزو الأنجلو فرنسي على مصر من بورسعيد التي تم ضربها بالطائرات والقوات البحرية تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات.

و قاومت الدولة المصرية ممثلة في  المخابرات العسكرية بأستخدام المقاومة الشعبية ببورسعيد في مقاومة الاحتلال بضراوة واستبسال و حركت العالم ضد القوات المعتدية، وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب البترول، وفي ٢ نوفمبر اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بوقف القتال، وفي ٣نوفمبر وجه الاتحاد السوفيتي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وأعلن عن تصميمه على محو العدوان، كما استهجنت الولايات المتحدة العدوان على مصر، فأدى هذا الضغط الدولي إلى وقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبول الدولتان وقف إطلاق النار ابتداءً من ٧ نوفمبر تلاها دخول قوات طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة، وفي ١٩ ديسمبر أُنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في ٢٢ديسمبر، وفي ٢٣ ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس، وهو التاريخ الذي اتخذته محافظة بورسعيد عيداً قومياً لها أطلق عليه "عيد النصر". وفي ١٦ مارس ١٩٥٧ أتمت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء.

و كان من تبعات الحرب استقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، وفوز وزير الشئون الخارجية الكندي ليستر بيرسون بجائزة نوبل للسلام، ومن المرجح أن الحرب قد شجعت الاتحاد السوفييتي على غزو المجر. 

و يرى المؤرخون أن تلك الحرب مثلت "نهاية وضع بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العظمى في العالم" .

و في النهاية اترك لك عزيزي القارئ بعد أن اوردت لك آراء المؤرخون و قدمت لك التحليل للأحداث ان تجيب علي تلك الدعوات الممنهجة في ضوء ما عرض عليك.

حفظ الله مصر حفظ الله الرئيس حفظ الله الجيش و الشرطة 

الاسمبريد إلكترونيرسالة