U3F1ZWV6ZTM4NzkwMzQ5ODA4X0FjdGl2YXRpb240Mzk0NDExNDQwNzM=
وقفات لخواطر الإمام في بعض آي القرآن " الحلقة ١٥٩"
إعداد وتقديم : إيناس أبو سيف
والآن سنكمل باقى الخواطر حول نفس الاية وهى قوله تعالى :(وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير اهبطوا مصرا فان لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات
الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)
وسنتعرف من خلالها على لماذا انزل الله عليهم المن والسلوى ومع ذلك لم يرضوا بهذه النعمة وطلبوا اطعمة بعينها ؟
ما معنى كلمة استبدال؟
وما المراد بقوله (الذى هو أدنى بالذى هو خير )؟
-الحق تبارك وتعالى كان يريد أن يرفع قدرهم فنزل عليهم المن والسلوى ولكنهم فضلوا طعام العبيد
والبقل ليس مقصودًابه البقول فحسب ولكنه كل نبات لا ساق له مثل الخس والفجل والكرات والجرجير
والقثاء هو القته صنف من الخيار
والفوم هى القمح أو الثوم والعدس والبصل معروفان
-والله سبحانه وتعالى قبل ان يجيبهم أراد
أن يؤنبهم فقال (أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير )
-عندما نسمع كلمة استبدال فاعلم ان الباء تدخل على المتروك يقول :اشتريت الثوب بدرهم يكون معنى ذلك إنك أخذت الثوب وتركت الدرهم
-قوله تعالى:(الذى هو أدنى بالذى هو خير )أى انهم تركوا الذى هو خير وهو المن والسلوى وأخذوا الذى هو أدنى
والدنو هنا لا يعنى الدناءة لأن ما تنتجه الأرض من نعم الله لا يمكن ان يوصف بالدناءة
-ولكن الله تبارك وتعالى يخلق بالأسباب ويخلق بالأمر المباشر
ما يخلقه الله بالأمر المباشر منه بكلمة (كن)يكون خيرا مما جاء بالأسباب
لأن الخلق المباشر لا صفة لك فيه عطاء خالص من الله
أما الخلق بالأسباب فقد يكون لك دور فيه كأن تحرث الأرض أو تبذر البذور
-ما جاء خالصا من الله بدون اسبابك يقترب من عطاء الآخرة التى يعطى الله فيها بدون اسباب ولكن بكلمة (كن)ولذلك يقول سبحانه (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)١٣١سورة طه
-فالله تبارك وتعالى يصف رزق الدنيا بأنه فتنة ويصف رزق الآخرة بأنه خير منه مع أن رزق الدنيا والآخرة وكل رزق فى هذا الوجود حتى الرزق الحرام هو من الله جل جلاله فلا رازق إلا الله ولكن الذى يجعل الرزق حراما هو استعجال الناس عليه فيأخذونه بطريق الحرام ولو صبروا لجاءهم حلالا
-نقول أن الله سبحانه وتعالى هو الذى يرزق ولكنه سمى رزقا فتنة وسمى رزقا خيرا منه ذلك بأن الرزق من الله بدون أسباب أعلى وأفضل منزلة من الرزق الذى يتم بالأسباب
-إذا الحق سبحانه وتعالى حين يقول :(أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير )يكون المعنى اتستبدلون الذى هو هو رزق مباشر من الله تبارك وتعالى وهو المن والسلوى يأتيكم (بكن)قريب من رزق الآخرة بما هو أقل منه درجة وهو رزق الاسباب فى الدنيا ولم يجب بنو إسرائيل على هذا التأنيب
-وغدا بإذن الله تعالى سنكمل باقى الخواطر حول نفس الآية وسنتعرف من خلالها ما الفرق بين مصرا بالتنوين ومصر بدون تنوين ؟وما المقصود بكل منهما ؟